الوجوه المقنعة
بعد عناء يوم طويل عدت إلى المنزل لأجد أمي _كعادتها_ تستقبلني بدعوات حارة ختمتها بإحاطة من ذراعيها الدافئتين لتسمو بي إلى عالم بعيد عن الأظغان والمشاحنات … أفقت … فهذا هو الواقع … يخيل إلي أنه يغار من دنيا الأحلام ، فلا يلبث إلا اجتذابنا منها سريعا.
دخلت غرفتي … أدرت مفتاح الباب مرتين ، تهالك جسدي المتعب فوق السرير ، في غضون ثوان لم تر عيناي سوى الظلام ، رباه … تصدعت إحدى زوايا الغرفة ،
انتابني خوف قاتل لكنه ما لبث أن تبدد بإطلالة ابتسامة طالما سُررت بها .. نعم فتلك ابتسامة أحلام صديقتي التي أحببتها ووثقت بها حتى العمى .
اندفعت إليها بشوق ضممتها بإخلاص ، لامست يداي بعضهما محيطة بجسدها الناعم العطر, أحسست بشعرها يلامس جفنيّ الناعسين الآمنين لكنهما لم يلبثا أن اتسعا ليريا وجها لم يبصراه من قبل ، وجه من الخلف … وجه قبيح … لا، بل شديد القبح، صعقت … شدهت لهذا المنظر الذي شل لساني ابتعدت عنها ، تقهقرت قدماي للوراء … انسلت أعضائي منها تباعا، أما قلبي الوفي الجريح فآلمه الفراق بدءً لكنه لملم أشلاءه الدامية واندفع بعيدًا … بعدًا لا يقدره إلا النزيف المتدفق من صميمه …
كانت الاختيار الأول … و … والفاشل .
- جُدُّت لها بعين آسفة لم أشاء أن أكن قاسية … لكنني أتطلع لحضن إنسان أندفع إليه في فرحي كما ألوذ به وقت ضائقتي … ، لم أتردد ساعتها في إعلانها مدوية أن لا رجعة للوراء ، فهلمّ مرحبًا بقادم الأيام ومرحبًا بالسعد والهناء